إِنَّهُ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ
الْحَمْدُ للهِ الوَاحِدِ الأَحَد ، الْقَوِيِّ الصَّمَد ، الذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُ تايرزولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَد ، و لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَمْيَكُنْ لَهُ وَلَد ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه ، الْمُتَفَرِّدُ بِالْمَلَكُوتِ وَالْمُلْك ، فَهُوَ أَغْنَى الأغْنِيَاءِ عَنِ الشِّرْك ،وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأصْحَابِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيرا .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ،
لك الحمد والنعماء والملكُ ربنا &
ولا شيءَ أعلا منك مجداً وأمجدُ
مليكٌ على عرش السماء مهيمن & لعزته تعنو الوجوه وتسجدُ
فسبحان من لايقدرُ الخلقُ قدرهُ & ومن هو فوق العرش فردٌ موحد
هو الله باري الخلقِ ، والخلقُ كلهم & إماءٌ له طوعاً جميعاً و أعبدُ
فسبحانه من إله عظيم
هو العلي الكبير الولي الحميد العزيز المجيد المبدئ المعيد الفعال لما يريد الحي القيوم القوي المتين العظيمالجليل له الخلق و الأمر وبيده النفع و الضر وله الحكم و التقدير و الملك و التدبير ليس في صفاته شبيه ولا نظير ولاله في الهيته شريك ولا ظهير ولا له في سلطانه ولي ولا نصير .
سبحانه من مليك ما أمنعه وجواد ما أوسعه ورفيع ما أرفعه لا راد لمشيئته ولا مبدل لكلماته قوله حكمٌ وقضاؤهحتم وأمره رشد ، باهر الآيات فاطر السموات بارئ النسمات مجيب الدعوات مغيث اللهفات مقيل العثرات أكبر منكل شيء و أعظم من كل شيء و أعز من كل شيء و أقدر من كل شيء و أعلم من كل شيء و أحكم من كل شيء
يعلم حوائج السائلين وضمائر الصامتين و أسرار صدور العالمين
فلا إله الاهو إله الأولين و الآخرين ..
أيها المسلمون : و اعْلَمُوا أَنَّ قَدْرَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَظِيمٌ ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ قَدْ عَظَّمَ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّلِلْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ وَهُوَ أَهْلُ الْمَجْدِ وَالْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ . فَهُوَ الْخَالِقُ وَمَا سِوَاهُ مَخْلٌوقٌ وَهُوَ الرَّزَّاقُ وَمَا سِوَاهُ مَرْزُوقٌ .
إِنَّهُ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ الذِي خَلَقَنَا مِنَ الْعَدَمِ وَرَبَّانَا بِالنِّعَمِ ، وَأَسْبَغَ عَلَيْنَا أَفْضَالَهُ وَآلاءَهُ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍفَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ)
إِنَّهُ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ الذِي يُعْطِي وَيَمْنَعُ وَيَرْفَعُ وَيَضَعُ ، وَيُغْنِي وَيُفْقِرُ وَيُصِحُّ وَيُمْرِضُ ، وَيَشْفِي وَيَكْفِي .
إِنَّهُ اللهُ الذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى .
إِنَّهُ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ الذِي قَالَ عَنْ نَفْسِهِ (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُمَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ إِلَىرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ ،وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ ، وَسَائِرَ الخَلاَئِقِ عَلَى إِصْبَعٍ ، فَيَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الحَبْرِ ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ،وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
إِنَّهُ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ الذِي وَصَفَ نَفْسَهُ فَقَالَ (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَافِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَوَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)
إِنَّهُ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ الذِي تَعَرَّفَ إِلَى عِبَادِهِ فَقَالَ (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَىالْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّالْعَالَمِينَ)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّهُ رَبُّنَا الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ، الذِي تَمَدَّحَ وَمَجَّدَ نَفْسَهُ فَقَالَ (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُالسَّحَابَ الثِّقَالَ * وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِياللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ)
إِنَّهُ اللهُ الذِي تَعَرَّفَ إِلَيْنَا بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلْيَا فَقَالَ (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَالرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَاللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُالْحَكِيمُ)
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَطْوِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّمَاوَاتِ يَوْمَالْقِيَامَةِ ، ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ؟ ثُمَّ يَطْوِي الْأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ ثُمَّيَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ؟ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُونَ السَّبْعُ فِي كَفَّ الرَّحْمَنِ إِلَّا كَخَرْدَلَةٍ فِي يَدِ أَحَدِكُمْ .
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : بَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَالتِي تَلِيهَا خَمْسُمَائَةِ عَامٍ ، وَبَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ خَمْسُمَائَةِ عَامٍ ،وَبَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَالْكُرْسِيِّ خَمْسُمَائَةِ عَامٍ ، وَبَيْنَ الْكُرْسِيِّ وَالْمَاءِ خَمْسُمَائَةِ عَامٍ ، وَالْعَرْشُ فَوْقَ الْمَاءِ ، وَاللهُ فَوْقُالْعَرْشِ ، لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَعْمَالِكُمْ .
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَا السَّمَوَاتُ السَّبْعُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍمُلْقَاةٍ بِأَرْضٍ فَلاةٍ ، وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ تِلْكَ الْفَلَاةِ عَلَى تِلْكَ الْحَلْقَةِ) رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِيالصَّحَيحَةِ (109)
وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ (إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَايَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِاللَّيْلِ ، حِجَابُهُ النُّورُ ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
فَأَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْعَلَنِي وَإِيَّاكُمْ مِمَّنَ عَظَّمَ رَبَّهُ وَوَحَّدَهُ وَأَجَلَّهُ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
==========
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ الذَي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ، عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ، وَالصَّلاةُ عَلَى خَاتَمِ رُسُلِهِ وَأَفْضَلِ أَنْبِيَائِهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِوَأَزْوَاجِهِ وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ لِقَائِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيراً .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ تَعْظِيمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ نُسَمِّيَهُ وَنَصِفَهُ بِمَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِوَبِمَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لا نَتَجَاوَزُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىفَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) وَقَالَ سُبْحَانَهُ (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُالْحَكِيمُ)
فَمِنْ صِفَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَالسِّرِّ وَالْعَلَنِ ، عَالِمٌ بِدَقَائِقِ الأُمُورِ وَعَظَائِمِهَا ، وَأَنَّهُسُبْحَانَهُ يَعْلَمُ الْمُسْتَقْبَلَ وَالْمَاضِي وَالْحَاضِرَ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى) , وَمِنْ صِفَاتِهِ أَنَّ لَهُ وَجْهَاًجَلِيلاً كَرِيمَاً ، قَالَ سُبْحَانَهُ (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) ، وَمِنْ صِفَاتِهِ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّعَالٍ عَلَى خَلْقِهِ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ) وَمَعْنَى اسْتَوَى : عَلَاوَارْتَفَعَ . وَلا يَجُوزُ أَنَّ نَقُولَ : إِنَّ اللهَ فِي كُلِّ مَكَان ، بَلْ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَوْقَ السَّمَوَاتِ الْعُلَا ، الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ،وَهُوَ سبُحَانَهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ بِعِلْمِهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ ، لَكِنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَوْقَ السَّمَوَاتِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ لَيْسَ مُخْتَلِطَاً بِهِمْ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَمِنْ صِفَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَهُ يَدَيْنِ اثْنَتَيْنِ ، قَالَ سُبْحَانَهُ (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْأَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ)
وَمِنْ صِفَاتِهِ أَنَّهُ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَوَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى) ،
وَمِنْ صِفَاتِهِ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ نُزُولاً حَقِيقِيَّاً نُثْبِتُهُ كَمَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَلا نَعْلَمُ كَيْفِيَّتَهُ ، عَنْ أَبِيهُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَيَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ : مَنْ يَدْعُونِي، فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَمِنْ صِفَاتِهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ يَضْحَكُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (يَضْحَكُ اللهُ إِلَىرَجُلَيْنِ، يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كِلَاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ) فَقَالُوا : كَيْفَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ (يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّفَيُسْتَشْهَدُ ، ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ عَلَى الْقَاتِلِ ، فَيُسْلِمُ ، فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُسْتَشْهَدُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ صِفَاتِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَإِنِ اتَّفَقَ بَعْضُهَا مَعَ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ ، فَهُوَ تَشَابَهٌ فِي الاسْمِ لا فِيالْحَقِيقَةِ لِأَنَّ اللهَ لا يُمَاثِلُهُ شَيْءٌ ، قَالَ سُبْحَانَهُ (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)
فَأَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَنِي وَإِيَّاكُمْ مَعْرِفَتَهُ ، وَأَنْ نُقَدِّرَهُ سُبْحَانَهُ كَمَا يُحِبُّ مِنَّا وَيَرْضَى ، وَأَعُوذُ بِاللهِ وَإِيَّاكُمْ مِنْ حال أَهْلِالْغَفْلَةِ وَالْجَهْلِ الذِينَ غَفَلُوا عَنْ رَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، أَوْ تَجَاهَلُوا فَحَرَّفُوا صِفَاتِهِ عَمَّا يَلِيقُ بِهَا وَقَالُوا عَلَى اللهِ بِغَيْرِعِلْمٍ .
ايها المسلمون :
حب النبي على الأنام فريضة ***** لا تنس ذكر الهاشمي الأكرم
إن الصلاة على النبي وسيلة ***** فيها النـجاة لكل عبد مسـلم
صلوا على القمر المنير فإنه ***** نـور تبدى في الغمام المظلم
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق